ذكاء أسعد*
الحب أنشودة إلهية لا يجيد ترديدها إلا أولئك الغارقون في لجة المحيط، يتنفسون الصعداء كلما مرج البحرين يلتقيان، لكنهما لا يبغيان. فالحب والبغي خطان أحدهما يعلو سامياً في الفضاء والآخر يهبط إلى الظلمات.
قد تكون الملائكة أول مَن غنّت تلك التسبيحة على أنغام لحن سماوي تلتقي به عذوبة العفاف والطهر مع أنشودة الصدق والجمال.
تلك الترانيم القدسيّة يرددها في الأرض قليلون. ما هم فترتبط أصداء أصواتهم العذبة مع زفير الملائكة المحمول بطيات الريح التي تحمل السحاب الثقيل لتسوقها إلى بلد ميت فتعود إليه الحياة ويعود نبض القلوب مع إشارات تسترق من الضمير الحيّ الذي ينأى بصاحبه عن البغاء.
إنه الحب الإلهي الممزوج بدقات قلب شاب أحب فتاة فتصورت له بصورة الملائكة الشفاف، فيختلس من نفسها أنفاساً تشرق على قلبه بالحياة فيمتطي جواداً أبيض في رأسه “غرة” سوداء ويسابق الريح ويتسلق غيمة بيضاء لتحمله عالياً فيلامس أرواح الملائكة فيسبح بتسبيحهم ويقدس بتقديسهم محاولاً الاقتراب من نور الشمس البازغة، فلم تزل ذاكرته تحمل مفردات تلك الأغنية التي طالما رددها في الصغر “لأكتب اسمك يا بلادي عالشمس اللي ما بتغيب” مؤمناً بكل كلمة فيها ومتيقناً أنه لا بد سيجد اسم وطنه متجذراً في قرص الشمس بأحرف ذهبية ناصعة لا يمكن ان تمحوها قوى الظلم التي حاولت أن تعصف بحبه الأول والأكبر.
*صحافية سورية.
إضغط هنا للأطلاع على مصدر الخبر في haramoon.com