واشنطن تربط خطتها للتهدئة برحيل نتنياهو

ناصر قنديل

  • كان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يعتقد أن مجرد موافقته على تأجيل البتّ بالتعديلات التي يريد فرضها على النظام القضائي، سيكون كافياً لإعادة الأمور الى نصابها مع واشنطن، التي لم تخف انحيازها إلى جبهة خصوم نتنياهو وحلفائه في الحكومة. ووصل نتنياهو الى حد اتهام واشنطن بتمويل التظاهرات ضده في تصريح منسوب لابنه بالنيابة عنه، وقد وصف نتنياهو جماعات المعارضة بمجرد امتداد أميركي سواء عبر الجيش والمؤسسة الأمنية أو عبر أحزاب المعارضة وتمويل التظاهرات.
  • بعد الترحيب بخطوة نتنياهو، انتقلت واشنطن بلسان الرئيس جو بايدن للكلام الصريح عن أن الحل ليس بالتأجيل بل بإلغاء التعديلات القضائية، وبدا بوضوح أن نفي بايدن لتوجيه دعوة لنتنياهو لزيارة واشنطن، تعبير عن قرار أميركي بربط الانفتاح على نتنياهو بفك الارتباط بينه وبين رموز التطرّف في حكومته الذين تعلن واشنطن بلا تردّد قلقها من التعاون بينهم وبين نتنياهو، وتعتبر التعديلات القضائية محور الصفقة التي تربط بينه وبينهم، وإسقاط الصفقة هو المدخل لإعادة رسم المشهد السياسي والحكومي في الكيان.
  • رغم الغلاف الديمقراطي لمعركة واشنطن مع نتنياهو، فإن جوهر الخلاف بين واشنطن ومعها اللوبي اليهودي الأميركي، ونتنياهو ومعه حلفاؤه في الحكومة، ينطلق من تقدير واشنطن للنتائج المترتبة على سياسات الحكومة التصعيدية بوجه الفلسطينيين، والتهديد الذي تمثله بتفجير المنطقة وإدخالها في احتمال حرب كبرى، ليس على جدول أعمال واشنطن قدرة تحملها وتقبلها، ولو مجرد فرضية، وسط أزمات وتحديات واستحقاقات لا تدع المجال لواشنطن للتعامل مع حرب في المنطقة.
  • بالتوازي مع كلام الرئيس بايدن الجاف والقاسي مع نتنياهو، تحدّث رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال مارك ميلي بصراحة عن أن واشنطن عاجزة عن التعامل مع حرب تشترك فيها روسيا والصين معاً، وأن الأشدّ خطورة هو أن تكون إيران طرفاً ثالثاً في هذا الحلف المناوئ لواشنطن. وواشنطن تراقب عن كثب تطور الحضور الصيني والروسي في مناطق نفوذ أميركية تقليدية مثل تركيا والسعودية، تعرف أن مسار التطبيع بين كيان الاحتلال ودول الخليج أولى ضحايا تحولات المنطقة، وأن الانفتاح على سورية بخلاف المشيئة الأميركية هو التحول الثاني الناتج عن هذه المتغيرات، وأن حرباً كبرى تأتي على خلفية انفجار فلسطيني إسرائيلي، سوف تغيّر وجه المنطقة، وربما تقرّر مصير وجود “إسرائيل” وليس فقط هزيمتها، وتضع واشنطن أمام خيارات صعبة لا تتحمل الاختيار بينها، وكلها مرّ.

يكشف الكاتب الأميركي المتابع لشؤون المنطقة توماس فريدمان معادلة أميركية جديدة قوامها، لا تهدئة مع بقاء نتنياهو، والتهدئة في المنطقة أكثر من ضرورة أميركيّة ملحّة، إنها قضية أمن قومي وعنوان الاستراتيجية، والجمع بين نتنياهو وضمان الاستراتيجية الأميركية بات مستحيلاً، والثقة معدومة بنتنياهو، وحجم مخاطر بقائه في الحكم يفرض على اللوبي اليهودي الأميركي أن يقول ما يلزم لضمان بقاء “إسرائيل” تحت سقف يتيح لأميركا الدفاع عنها ومواصلة تمويلها وتسليحها. بينما يتحدّث كتاب آخرون عن الحاجة للتفكير بخيارات من خارج العلبة لضمان التهدئة، فما دام الحلفاء يتصرّفون بهوى مصالحهم من وراء ظهر واشنطن، وهذا يصحّ في حال تركيا والسعودية، والآن “إسرائيل”، فلماذا على واشنطن أن تضبط خطواتها بحساب مصالح الحلفاء. وهنا يطرح السؤال لماذا لا تنفتح واشنطن على خيار العودة إلى التفاهم النووي مع إيران كسقف لضمان التهدئة، وسقف لحركة الحلفاء؟

*نائب لبناني ورئيس تحرير جريدة البناء.

المصدر haramoon – منصة حرمون :

اترك تعليقا
آخر الأخبار
أمنية وعسكرية.. ضغوطات على مستثمري القطاع المشترك تعرقل عجلة الاقتصاد في العراق بيان حكومي من كردستان: لا نتحمل فشل تصدير النفط ويجب الالتزام باتفاق كانون الثاني بسبب "حشوة صاروخ".. استنفار أمني عند الحدود الإيرانية شرق العراق الحكم على "أم اللول" بالحبس البسيط بجريمة "الإخلال بالآداب والأقوال الفاحشة" حدث نادر من 40 عاما .. راصد جوي: البلاد على موعد مع "منخفض ممطر" نهاية نيسان الاتحاد العربي للاعلام الالكتروني يزور جناح جهاز الامن الوطني العراقي في معرض بغداد الدولي.. بسبب "حشوة صاروخ".. استنفار أمني عند الحدود الإيرانية شرق العراق - عاجل التقاعد تعلن إضافة الخدمة العقدية وتصفية حقوق كبار السن العقود المحالين إلى التقاعد خلال شهر واحد.. استحصال ما يقارب 5 مليارات دينار من المتجاوزين على الاعانة الاجتماعية من جديد.. الدينار العراقي يتهاوى أمام الدولار الأمريكي في الأسواق المحلية أنظار البصرة نحو اتفاقيات واشنطن للتخلص من "أخطر مرضين" بينهم إمرأة.. الأمن الوطني يقبض على شبكة إبتزاز وتهديد في ميسان هيئة التقاعد تزف "بشرى" الى شريحة العقود من كبار السن جنايات واسط: السجن المؤبد بحق تاجر مخدرات وزير العمل يمنح شهرا اضافيا للأسر التي لم تقدم البيان السنوي مصدر يكشف تفاصيل "ضربة حمرين".. أستهدفت "ابو عكرمة" صقور الـ F16 يجهزون على عدد من الارهابيين في سلسلة جبال حمرين رغم عدم استقرارها سياسيا.. المجلس العربي مطمئن تجاه أمن كركوك طقس العراق.. ارتفاع طفيف بدرجات الحرارة خلال الايام المقبلة الصحة تعلن تطعيم 5 ملايين و 400 الف طفل ضد مرض الحصبة طقس العراق.. غيوم متفرقة وارتفاع بدرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة اسعار المعدن الأصفر ترتفع وسط هدوء مخاوف الشرق الأوسط المخاوف الجيوسياسية في الشرق الأوسط تنعش اسعار النفط عالميا رغم عدم استقرارها سياسيا.. المجلس العربي مطمئن تجاه أمن كركوك - عاجل أسعار النفط تعاود الارتفاع وتقترب من حاجز الـ88 دولارا