مصابيح الدجى : أحمد بن عبدالله الحضرمي

بسم الله الرحمن الرحيم
▪مصابيح الدجى :
أحمد بن عبدالله الحضرمي

✍ عبدالإله عبدالقادر عبدالله الجنيد (صاحب الروضة)

بينما كنت جالساً أبحر بفكري ووجداني في محيط أولياء الله الصالحين ، سألني قلمي : إلى أين تتجه بنا هذه المرة يا سيدي ؟
فأجبته : حتماً إلى حيث نور الله .
القلم : وأين يكمن ذلك النور الإلهي ؟
أجبته : يكمن [فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ …] .
ثم قلت له : اصمت قلمي ، فإني لا أملك دليلاً على أنك تحدثت معي ، ثم دعني أحكي لك حكاية أولياء الله في الأرض الذينَ ألقى بهم الله في نقاطٍ معلومة ليكونوا رواسي وأوتاداً في الأرض أن تميد بنا فتن أهل الزيغ والضلال ، فهم أهل محكم الآيات ، وهم آيات الله المحكمات الذين يتحركون في الأرضِ لحماية العباد من كل زيغٍ وظلمٍ وطغيانٍ ، لربما أحدق بالناس فهم نجوم الأرض الذين جعلهم الله أماناً للعباد ومصدر هداية للعالمين ..
في طفولتنا كنا نظن ظن الطفولة البريئة أن الشمس لا تغرب إلا بعد أن تعرج على مولاي الحضرمي فتسلم عليه وتسبح الله معه ثم تغرب ، وأن القمر يظهر في بداية كل شهر من جامع مولاي الحضرمي ، فهو مولاي الحضرمي نفسه ظهر لينير لنا دروب الهداية كي نستضيئ بنوره في ظلمات ليل العمى والجهالة ..
كان معتقدنا هذا مبنياً على أن مولاي الحضرمي يرقد في جامعهِ الراسي بأعلى قمة من جبل حبشي (قمة جبل العرمة) ، وكأن مولاي الحضرمي قد سكن هناك ليزيد الجبل رسواً مع رسوه ، ذلك الجامع الذي هو في الأصل رباط علمي يعود بناؤه إلى القرن السابع الهجري ، وقد تخرج فيه العلماء والمشايخ وأهل التصوف والعرفان ، وقام عليه مشائخ وعلماء كبار وأولياء وفضلاء لايدانيهم أحدٌ في الفضلِ والعلم والزهد والورع والتصوف .. هكذا كان مولاي الحضرمي الذي قام على هذا الرباط في أوائل القرن العاشر الهجري ، ولعظيم مقامه عند الله وعند الناس وجليل قدره كان له من المحبة والولاء والطاعة والإجلال والإكرام في قلوب الناس ماجعلهم يوارونه الثراء في هذا الرباط هو وبعض أبنائه وإخوته ، ويطلقون على هذا الرباط (جامع الحضرمي ) ..
كان الناس يقولون : إن الأولياء الكبار في مناطق الجنوب هم ثلاثة : 《 سفيان بن عبدالله ، والعيدروس بن عبدالله ، وأحمد بن عبدالله 》..

•فأمَّا مولاي السيد الشريف والمجاهد سفيان بن عبدالله الأبيني فهو سليل آل بيت النبوة ، ويرجع نسبه إلى محمد الميمون بن الإمام علي الهادي بن الإمام محمد الجواد بن الإمام علي الرضا ، سلام الله عليهم أجمعين ..
ولمَّا وردت أخبار الغزو الصليبي على مصر ، خرج المجاهد سفيان بن عبدالله يدعو الناس إلى الجهاد في سبيل الله ، وارتدى لامة الحرب ، وقاد مجاميع من المجاهدين وتحرك بهم إلى مصر لمواجهة الغزاة الصليبيين ، ولايزال في ذريته الرجال المجاهدون الأحرار وهم في مقدمة المواجهة للعدوان الأمريكي الصهيوني على بلادنا ، وممن عرفت منهم سيادة اللواء حميد عنتر وإخوانه وأولاده ، وأخص من إخوانه المثقف الكبير والكاتب القدير هشام عنتر حفظه الله ..
ولاننسى أن نذكر في هذا المقام سيادة المقدم عبدالرحمن المنور وجيه الدين “مدير إذاعة وطن” ، والنشّاد الرائع والقدير عدي السفياني حفظهم الله جميعاً ، وضريحه الشريف في حوطة لحج ..

• وأمَّا مولاي العيدروس بن عبدالله فيرجع نسبه الشريف إلى سيدي المهاجر إلى الله أحمد بن عيسى بن محمد بن علي العريضي بن الإمام جعفر الصادق ، عليهم السلام ، وضريحه الشريف في جامع العيدروس بمدينة عدن ..

• وأمَّا سيدي أحمد الحضرمي إذا سألت الناس عنه أجابوك بقولهم : إن آل الجنيد هم ذريته ، وإن سألت عن آل الجنيد بادروك بالقول: إن الحضرمي هو جدهم .. يحكي الناس أن الحضرمي هو شارح البحر والجبل ، وكلمة (شارح) بلغة أهل تعز تعني الحامي أو المدافع أو الحارس ، والمراد أن الحضرمي هو حامي البحر والجبل ، ذلك أنك إذا وقفت أمام الجامع ونظرت غرباً رأيت البحر الأحمر إلى غرب الجبل ، ولذلك أطلق عليه شارح البحر والجبل . وقيل : إن شارح البحر والجبل لربما كان شخصاً غيره ، وأظنه إما أن يكون أحد آبائه أو أحد إخوانه كأبي الحسين علي بن عبدالله الحضرمي ، أو ابنه الشيخ محمد ، والله تعالى أعلم ..
شيخنا الجليل سيدنا ومولانا طاموس البيان ، وشمراخ أهل الولاية والعرفان ، والقطب المُتفرِّد في ذلك الزمان ، العالم العامل ، والفقيه المُحدِّث ، والعابد الناسك الذاكر لله الخاشع ، أبو الأولياء والصالحين الاتقياء ، شامخ الأركان وعالي البنيان ، سيدي الشريف / أحمد بن عبدالله بن محمد بن علي بن محمد بن المبارك أحمد الحضرمي… ويصل نسبه الشريف إلى مولاي الإمام علي الهادي بن الإمام محمد الجواد بن الإمام علي بن موسى الرضا ، سلام الله عليهم أجمعين ..
هكذا ورد اسمه في الكتابات الظاهرة على ضريحي ولديه الشيخ محمد والشيخ عبيد .
وقد أولى الناس محبته وتقديره ، وسار بهم على رضاء الله وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر وإصلاح ذات البين ، وجاهد جهاداً عظيماً لإقامة الفرائض ؛ حتى لا يحرم الأيتام والأرحام من حقوقهم الشرعية في الميراث وإخراج الزكاة كما فرض الله ..
لم يقتصر دور مولاي الحضرمي على المشيخة العلمية والدينية في الرباط فحسب ، بل كان دوره بين الناس عظيماً ، حيث بلغ من العلم والعرفان ما لم يبلغه أحد في زمانه ، وتخرجت في رباطه هامات علمية وفقهية بفضل قيام سيدنا الجليل بدوره الكامل في تعليم الأجيال ، وقد أولى أولاده العناية الكبيرة حتى صاروا أعلاماً ونجوماً يضيئون مسالك العباد ، وبلغوا من المقامات العظيمة فكانوا أولياء الله في الأرض ، فولده السيد محمد استمرَّ من بعده على مشيخة الرباط ، وانتقل السيد عبيد إلى ماوية والجند ، وضريحه الشريف في منطقة الشيخ عبيد بماوية ، وله جامع كبير هناك ، وهو من أهل الكرامات ، حتى سُمِّيَتْ المنطقة باسمه ، وقد توفي عام (٩٧٠هجرية) ..
وقد انتقل مولاي السيد عبدالرحمن إلى عزلة (انبيان) بجبل صبر ، وهو من أهل الولاية والعلم والدراية ، وضريحه الشريف في تلك المنطقة ، وقد أُقيم عليه مسجد لايزال حتى اليوم ، وإلى مولاي السيد عبدالرحمن ساكن النُقُل في أنبيان وإليه ينتسب السادة آل الجنيد في جبل صبر ومن تفرَّع عنهم ، ويحكى أنه كان أديباً وشاعراً له ديوان في الشعر الصوفي مازلنا في إطار البحث عنه ..
ارتضى سيدنا الحضرمي الطريقة الصوفية العلوانية ” نسبة إلى سيدي الإمام اليفرسي أحمد بن علوان الحسني النسب رضوان الله عليه ” ؛ لأن في هذه الطريقة مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله ، وهو مبدأ هام وأساسي في حماية دين الله القويم ..
يظهر مدى حب الناس وولائهم وإجلالهم وتعظيمهم لسيدنا الحضرمي حتى يومنا هذا بإقامة الجماعي والشعبانية وكثرة الأوقاف التي أوقفت باسمه ، حتى كاد جبل حبشي أن يمثل في معظمه أوقافاً لسيدنا الحضرمي ، بل تعدت الجبل إلى مناطق أخرى في غير الجبل مثل منطقة ( الجبزية ) وغيرها ..
وليتق الله من يقومون على الأوقاف وتقع تحت إيديهم مهمة صرف الأوقاف في المصارف التي أوقفت لها ، ولا يعرضون أنفسهم لغضب الله وعذابه وسخطه ، ويعملون على ترميم جامع الحضرمي قبل أن يندثر ماتبقى منه .
والحمد لله رب العالمين

المصدر مقالات وبحوث – جريدة جدار الالكترونية

اترك تعليقا
آخر الأخبار
الكهرباء: تشغيل الربط الكهربائي مع الأردن غدا المعدن الأصفر يواصل تألقه ويسجل أعلى مكاسب أسبوعية خلال شهر مخفية داخل حبات الجوز.. الأمن الوطني يكشف عملية تهريب مخدرات ويطيح بالمتورطين النزاهة ترصد عدم جبايـة 3 مليارات دينار لمصلحة زراعة ذي قار وشركة التجهيزات الزراعي النـزاهـة ترصـد عـدم جبايـة 3 ملـيارات ديـنار لمـصـلـحـة زراعة ذي قار وشركة التجهيزات الزراعية بعد قرار توزيع رواتب شباط.. محتجو السليمانية يرهنون العودة للدوام بشروط المركزي الروسي يمدد القيود على تحويل الأموال للخارج مخفية داخل حبات الجوز.. الأمن الوطني يكشف أغرب طرق تهريب المخدرات ويطيح بالمتورطين بعد تخطيها حاجز الالف معاملة.. البرلمان يخاطب التعليم لحسم منح المراتب العلمية (وثيقة) انخفاض القيمة السوقية لميسي طلب نيابي لاستضافة وزير النفط بعد رفع اسعار البانزين.. وثائق بعد رفع اسعار البانزين "المحسن".. حراك نيابي لاستضافة وزير النفط (وثائق) اندلاع حريق بمبنى في البصرة والدفاع المدني يخلي المدنيين.. فيديو نينوى تطلق نداء للمواطنين بعد إطفاء مشروع ماء الغزلاني إجرام بغداد: القبض على متهم بجريمة "قتل" وآخرين بالسرقة والتزوير الماس لـ(واع): يكشف اخر حيثيات حسم منصب محافظ ديالى طقس العراق..امطار وارتفاع بدرجات الحرارة خلال الايام المقبلة مصرع واصابة 6 اشخاص بحادث سير على طريق بغداد- ديالى النفط يواصل تحقيق مكاسب للشهر الثالث على التوالي طقس العراق.. ارتفاع بدرجات الحرارة وأمطار في مناطق الجنوب والشمال Visa تطلق حلولاً جديدة مرتكزة إلى الذكاء الاصطناعي دعماً لأعمالها بمجال خدمات القيمة المضافة بعد سلسة هزائمه.. داعش يدعو الى المساندة ويتوعد حلفاء أمريكا في العراق اللجنة المالية: الرواتب مؤمنة في موازنة 2024 ولا توجد أزمة مالية بالعراق السوداني: الفساد المالي والإداري عطل البلد وأضاع الثروات "أرقام مهمة".. المالية النيابية: نأمل وصول جداول الموازنة الى البرلمان قبل العيد