هل يتجه لبنان إلى الانهيار؟ -المصدر- haramoon – مجلة حرمون

ناصر قنديل

نائب سابق ورئيس تحرير جريدة البناء

Paris

 

  • يعرف اللبنانيون الذين يتحدثون عن الفراغ الرئاسي أو الفراغ الحكومي بفعل وجود حكومة تصريف أعمال، أنهم عندما يقولون بخطورة هذا الواقع ويحذرون من نتائجه أن البلد الذي يتحدثون عنه هو البلد الذي تشكل مجموع أيام الفراغ فيه، إذا جمعت أوقات حكومات تصريف الأعمال الى أوقات الفراغ الرئاسي بين عامي 2005 و2022، لظهر أنها تعادل أيام اجتمع فيها رئيس جمهورية مع حكومة كاملة الصلاحيات، إلا إذا كانوا يقصدون أن الفراغ الحالي أشد خطورة عطفاً على الأوضاع المالية التي يمر بها لبنان، وهم سوف يسارعون للقول نعم إن هذا هو المقصود، فهل هذه هي الحقيقة؟
  • يقول الأداء السياسي لمن يملكون قدرة الحل والربط إنهم مرتاحون الى أوضاعهم مع الفراغ، وإن القلق الذي يبدونه في مواقفهم المعلنة إعلامي أكثر مما هو سياسي أو واقعي، فعندما يكون خطر الانهيار حقيقياً في قراءاتهم يجب أن يظهر هذا الشعور بالخطر بديناميكية سياسية تجسدها تغييرات في التموضعات، وحراك سريع وانقلابي أحياناً بحثاً عن مخارج. والخروج عن المألوف هو سمة مثل هذه الحالات، وهو لا يبدو في سياسات أي من هؤلاء، والتشبث بالخيارات، بما فيها الذي يشكل تكتيكاً مؤقتاً أو مناورة تفاوضية، يعني الاطمئنان الى أن البلد يتحمل المزيد من الفراغ، وأن المسألة هي أن التصريح بذلك يمثل فضيحة سياسية لن يُقدم على ارتكابها أحد.
  • الحديث يدور هنا حول الشأن المالي لا عن الشأن الاقتصادي الأوسع مدى، أي عن أمرين محدّدين، الأول هو احتياطات مصرف لبنان ومدى صمودها أمام تلبية متطلبات التمويل المطلوب لتغذية السوق بالدولارات سواء للاستيراد او لنفقات الدولة أو سائر وجوه الحاجات الملحّة مثل الطبابة والتعليم، والثاني هو سعر الصرف والمدى الذي يمكن للبنانيين تحمله من ارتفاعات جديدة، والصورة التي يجري تعميمها هي أن الأمرين يرتبطان عضوياً ببعضهما، لأنه عندما تضمر احتياطات المصرف المركزي وتشح الدولارات سيجن جنون الدولار، ويترتب على الارتفاع غير المتوقع في سعر الصرف ما يخرج الأمور عن السيطرة، فهل هذه هي الحال؟
  • يثير الاطمئنان السياسي للفراغ من جهة، والتطمين المستمرّ الذي يقدّمه حاكم مصرف لبنان من جهة موازية، الفضول لمعرفة سر اطمئنان الحاكم الذي يترجم تطميناً للناس من جهة، وتطمين السياسيين من جهة مقابلة، والأرقام تقول إن الوضع لن يخرج عن السيطرة بعكس ما يجري ترويجه، لأن التراجع الذي أصاب فاتورة الاستيراد منذ عام 2020 بلغ مداه عند رقم 8 مليارات دولار سنوياً، وبالمقابل حافظت تحويلات الاغتراب منذ عام 2020 على رقم الـ7 مليارات دولار سنوياً، وزادت عائدات التصدير من 2 الى 3.7 مليارات دولار سنوياً، وتدفقات الاصطياف والأعياد هذه السنة سوف تقفل على 5 مليارات دولار، وتحويلات المنظمات الأممية لعام 2020 زادت عن 2.3 مليار دولار، أي بمجموع 18 مليار دولار، وتحقيق فائض نادر الحدوث في لبنان قيمته 10 مليارات دولار يخفيه مصرف لبنان عن الأنظار ويقوم بسحبه عبر طباعة أوراق مالية فائضة تستمدّ قوتها من تخصيصها لشراء فائض الدولارات، والحفاظ على السوق في حال طلب على الدولار للحفاظ على سعر مرتفع في سوق الصرف، يكفي أن يتوقف مصرف لبنان عن شراء الدولارات حتى ينخفض سعر الصرف تلقائياً، وإلا من أين يأتي مصرف لبنان بتمويل منصة صيرفة التي تبيع قرابة 60 مليون دولار يومياً أي أكثر من مليار دولار شهرياً، واحتياطاته لم تنخفض خلال عام حيث كانت 12 مليار دولار وهي اليوم 11.5 مليار دولار؟
  • عندما قاد حاكم مصرف لبنان السوق نحو رفع سعر الصرف تماماً كما فعل عندما قاد السوق نحو الحفاظ على سعر الصرف لأكثر من ربع قرن، وكما ابتدع نظريات مثل الهندسة المالية التي هدر خلالها مليارات الدولارات للحفاظ على سعر الصرف، ابتدع نظرية الدعم ليطلقها على بيعه للدولار بسعر الـ 1500 لتمويل الاستيراد، والانسحاب منه تدريجياً، المحروقات، ثم السلع التجارية، ثم الأدوية، لترك اللبنانيين يتأقلمون مع السعر المرتفع من جيبهم المسمى ودائعهم المحجوبة عنهم، وحاكم المصرف يعلم أن الرقم النظري لنسبة اللبنانيين الواقعين دون خط الفقر، ليس واقعياً، فتكاد تكون كل عائلة لبنانية تملك أحد أفرادها في الخارج، والمئة دولار التي لم تكن تعني شيئاً في الماضي صارت عنصر توازن مهم في إنفاق العائلة، وتحول اللبنانيون جميعاً الى صيارفة، يراقبون سعر الدولار ليس خشية ارتفاعه فقط، فقلة هم الذين يتلقون دخلاً بالليرات اللبنانية فقط، ومن يلتفت مثلاً إلى سوق المهن سوف يلحظ بسهولة أنها مدولرة، وأن من يتقاضى عشرة ملايين بالليرة اللبنانية ومئتي دولار تحويلات يحتار بين الانحياز في قلقه على انخفاض او ارتفاع سعر الصرف. ولا حاجة للاستغراب، فمن كان يتوقع ان يتجاوز سعر الصرف رقم الـ 10 آلاف ثم الـ 20 ألفاً ثم الـ 30 ألفاً ثم الـ 40 ألفاً، وتبقى الأمور على حالها، ومن لم يلاحظ أن نسبة تأثر اللبنانيين بالأزمة المالية في مراحل التأقلم كانت أشد قسوة مما هي عليه الآن؟
  • الاقتصاد السياسي للفراغ يقول إن الفقرات غير المتوقعة في سعر الصرف سوف تكون بقرار سياسي بسحب الدولارات من السوق بكميات ضخمة لفرض ارتفاع كبير في سعر الصرف، إذا كان هذا السعر السياسي على صلة بتسويق الخشية من الانهيار والخروج عن السيطرة لأن تسوية ما في مكان ما قد نضجت.

مصدر الخبر في haramoon – مجلة حرمون

اترك تعليقا
آخر الأخبار
خلاصة طقس العراق حتى الاثنين المقبل الاطاحة بشاب عشريني في جمجمال "تاريخه مليء بجرائم ثقال" رابطة المصارف: توقف بعض خدمات الدفع الإلكتروني يعود لخلل باتصال إحدى الشركات الإعمار والإسكان: إنجاز مشروع زرباطية السكني بنسبة 82% جريمة تهز الديوانية.. مدمن مخدرات يغتصب شقيقاته بالقوة السوداني: وضعنا خطة لتحويل 40% من صادراتنا إلى مشتقات نفطية بالوثيقة.. تكليف عباس البيضاني بمهام تسيير أعمال مطار النجف الأشرف رئيس النزاهة: الفريق التنسيقي المرافق للسوداني حقق إنجازات مهمة بثلاثة ميادين مع قرب تفعيل النقل العام.. ذي قار بحاجة الى 600 سائق حافلة من يعبره "معرض للموت".. اللجوء إلى "الاسفلت" لحماية الناس في أخطر طرق ديالى الدولار يتراجع.. قائمة مسائية لأسعار الصرف في بغداد والمحافظات مختص يقول إن حل أزمة رواتب الاقليم انعش شراء العقارات في كردستان وزير الكهرباء: الاتفاقيات الموقعة بواشنطن سترفد الشبكة الوطنية بـ3000 ميغاواط جديدة برعاية السوداني.. توقيع عدة مذكرات تفاهم بين بغداد وواشنطن الرد السريع يعتقل اجنبيين اثنين مخالفين لقانون الإقامة بديالى النفط يواصل الخسائر مع انحسار التوتر بالشرق الأوسط النزاهة: السجن 10 سنوات لمسؤول سابق في شركة ديالى العامة مع "تردد الأهالي من التلقيح".. الصحة تقول ان 96% من المصابين والمتوفين بالحصبة "غير ملقحين" معاناة سنين دون حلول.. مجلس بغداد يبعث رسالة اطمئنان قبل الصيف اللاهب مجلس الخدمة يعلن غلق التقديم على استمارة التوظيف الخاصة بالأوائل وحملة الشهادات النزاهة: السجن عشر سنوات لمسؤول سابق في شركة ديالى العامة القبض على عصابة تصور الشباب بوضعيات خادشة وتساومهم سلطة الطيران تعفي مدير مطار النجف علي الساعدي من منصبه بالوثيقة.. حكومة الديوانية تجرد قطع الأراضي بالمحافظة لـ"فرزها وتوزيعها" "التسول الإلكتروني".. احترافية و فبركة قصص" تدر ملايين الدنانير يوميا