الحكمة في العناية الإلهية بتغليب العدل في آخر هذه الحياة

إن الحكمة في هذه العناية الإلهية هي مجموعة أمور :

بقلم : آية الله السيّد محمّدباقر السيستاني

١ – الاستجابة لتطلع البشرية وأملها في تعميم الهدى والحق والعدل وقد سبق ذكر ذلك.

٢ – أن هذه الحياة في المنظور الإلهي والديني إذا نظرنا إليها نظراً مهيمناً عليها بمختلف مراحلها مضمار صراع بين الحق والباطل على مدار التأريخ الإنساني، كما يتمثل في القرآن الكريم من خلال الآيات التي ذكرت ثنائية الحق والباطل وثنائية الهدى والضلال وثنائية الكفر والإيمان، فأراد الله سبحانه أن يجعل الغلبة في النهاية للحق كتعبير عن أنه لن يستقر إلا الحق ولن تكون العاقبة إلا للهدى والرشاد
قال سبحانه : ﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾، وقال تعالى: ﴿لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ﴾، وقال تعالى: ﴿أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّـهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّـهُ الْأَمْثَالَ﴾، وقال تعالى: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ﴾، وقال تعالى: ﴿قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ﴾
ورغم أن بعض هذه الآيات جاءت في حوادث خاصة، إلا أنها في ما يبدو بالنظر في مجموعها وما ماثلها جزء من أصل ثابت، وهو غلبة الحق على الباطل في النهاية

٣- أن يمثل ذلك القدرة الإلهية في مسرح هذه الحياة، فهو سبحانه إذا شاء غلّب الحق مهما تعسف الباطل، كما قال تعالى: ﴿كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾، وقال تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾، وقال سبحانه في قضية موسى وهارون: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾، وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ * إِنَّ فِي هَـذَا لَبَلَاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ﴾

٤- أن من غايات هذا النبأ أن يكون وعداً مقطوعاً لأهل الحق بانتصارهم على الباطل في النهاية حتى تقوى فيهم روح الأمل والرجاء، كي يعملوا لأجل الحق في أوضاعهم الصعبة على طول التأريخ، وليعلموا أن هذه المساعي لن تذهب هباءً، وسوف تؤدي إلى غلبة الحق في النهاية وفق السنن التي بنيت عليها الحياة، قال تعالى: ﴿قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّـهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّـهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ * قَالُوا أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾، وقال تعالى : ﴿تِلْكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلَا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ﴾، وقال تعالى : ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾، وقال تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾

فهذا الحدث الجليل يبدو تدبيراً إلهياً لجمع البشرية كلها تحت قيم الإيمان والحق والعدالة بعد أن اقتربت البشرية بعضها من بعض وأصبحت ككتلة واحدة وصار العالم كقرية واحدة من خلال تيسّر وسائل النقل والاتصال، وغدا الإنسان يقترب من التفكير بنوع الإنسان ويرجو له قيم الحق والعدالة، ويميل إلى التدبير الموحد المنصف للمجتمع الإنساني كله، كما تبدو إرهاصات ذلك من خلال المؤسسات الدولية رغم بقاء كثير منها مرتهنة بإرادات خاصة

📚 منهج البحث والتحري في شأن الإمام المهدي (ع) ،ص٢٤

المصدر الاخبار – وكالة نسيم كربلاء

اترك تعليقا
آخر الأخبار
الكشف عن أسباب استبدال الشركة الاستشارية الإيطالية لطريق التنمية في العراق تاجر مخدرات خطير و 19 مطلوبا في قبضة شرطة بابل الكشف عن أسباب استبدال الشركة الاستشارية الإيطالية لطريق التنمية في العراق - عاجل السيول تجرف 3 أطفال بنينوى والنجدة تنتشل جثتي اثنين منهم في دجلة في ليلة واحدة.. الداخلية تعتقل 110 مخالفين أجانب و 22 متهما بعملية "سبع قصور والبساتين" القبض على شخصين يدعمان مفارز داعش في سامراء أسعار صرف الدولار في بورصة بغداد الدولار يعاود الارتفاع أمام الدينار العراقي في أسواق بغداد خام البرنت ينخفض عند لـ82 دولارا للبرميل البنك الدولي: الاعتماد على النفط سيعرض العراق لتقلبات الاقتصاد الكلي لخصوصية الأبنية واهميتها.. الأمانة تواصل أعمال تأهيل مركز بغداد القديمة (صور) الداخلية تعلن القبض على قتلة طبيب الأسنان المتقاعد فيصل الحويزي انتشار أمني كبير بمنطقة الفضيلية في بغداد انتهاء منخفض "مسك".. العراق يتأثر بحالة جوية جديدة تصاحبها الأمطار مشروع يعيد اشجار العراق "المهاجرة" بـ 100 الف شتلة بعد البتاوين.. الداخلية تنفذ حملة أمنية في 3 مناطق جديدة ببغداد رغم الجولات المتكررة ولقاء البيت الابيض.. الاطار يتحدث عن مفاوضات إضافية لانسحاب الامريكان السيول تقتل أربعة سياح في السليمانية السوداني يؤكد دعمه لحرية الصحافة وحقوق الصحفيين السماح للمنتخبات المشاركة بضم 26 لاعبا لتشكيلاتها بكأس أوروبا 2024 النزاهة تضبط () متهما بالتجاوز على المال العام في كربلاء تعرف على حالة الطقس في العراق خلال اليومين المقبلين النزاهة تضبط (11) متهما متلبسا بالتجاوز على المال العام في كربلاء انتصار وتعادلان في الدوري العراقي الممتاز لكرة القدم النزاهة تطيح بمسؤول في دائرة صحة نينوى وتضبطه متلبسا بالرشوة