ذبول

أديب كريّم
كاتب وروائي من لبنان

 

 

..سلّمني رقم هاتفه وروحه تتأرجح بين الشكّ واليقين. وحين ابتعدت عنه خطوات قليلة سألني: ذكّرني باسمك يا سيّدي، إنّ ذاكرتي باتت خوّانة، خصوصًا مع الأسماء الغريبة. قلت له بعد أن كدت أنسى الاسم: حَيران.

ثمّ عاد ليسألني وأنا في ذروة غلياني: لماذا تساعدني يا سيّد حَيران؟

 سؤاله أربكني وزادني اضطرابًا فوق اضطرابي، ولو كان في الوقت متسّع وفي الإجابة فائدة لعدتُ وشرحتُ له قصّة وجعي منذ حتّى ما قبل هابيل وقابيل، ولهذا لم أجد سوى عبارة واحدة جاهزة على طرف لساني:

أساعدك لأني إنسان. ثمّ عاد ليرشقني بسؤال أشدّ إرباكًا: هل تؤمن بالله يا سيّد حَيران؟ 

كنت سأجيبه: بأيّ حقّ تطرح عليّ سؤالًا لم يسبق لي أن طرحته على نفسي؟ لكنّي خشيت جرح عواطفه، ولهذا اكتفيت بهزّ كتفيّ علامة اللامبالاة.

مضيت في طريقي وأنا أشعر بإعياء شديد. وما إن توارى جسدي خلف أشجار الزيتون وجدِتني أُفرغ كلّ ما في جوفي حتّى كاد الوهن يطيح بي أرضًا.

وقبل وصول البيت ألفيت نفسي حزينًا حزن طفل عائد من المقبرة بعد أن رأى أمّه تُدفن أمام ناظريه. وبدأت أجهش وأتمتم لنفسي بغضب مستعر: أنا ضئيل.. ضئيل.. لا أستحقّ أن أرمى بوردة ذابلة.. بل أستحقّ الجلد حتّى تخرج من لحمي قروح لا شفاء منها.. كيف حدث ولم أشمّ رائحة الحزن الفائحة بشدّة على بعد أمتار من روحي..  كيف حدث ذلك وأنا الذي اعتاد اشتمام رائحة الحزن من أيّ ركن على هذا الكوكب؟

حتّى حين كنت أحبس ذاتي داخل عزلتي، وأوصد الأبواب والنوافذ بإحكام، كان أنفي يستقبل رائحة الحزن من وراء الجدران والحواجز.. وليس هذا فحسبُ.. بل إنّي تجنّبت زيارة المقابر لأنّي لا أحتمل الرائحة الحزينة المنبعثة من تحت القبور.. كلّ ذلك يحدث ولا أشمّ ولو نفحة ريح حزينة من منزل جاري المفجوع؟

ترى، هل بدأت روحي تذوي وعواطفي تخبو؟ وما قيمتي، ساعتئذ، إذا فقدت إحساسي بأوجاع الناس وأحزانهم؟

 

#مادياناكآبةٌفي_عقلي

#دارالنهضةالعربيّة

المصدر haramoon – منصة حرمون :

اترك تعليقا
آخر الأخبار
الدولار يتجه لأكبر خسارة أسبوعية مع تزايد توقعات خفض الفائدة الاطاحة بعصابة للخطف والقتل في البصرة بالفيديو.. "العناكب" تغزو بساتين مندلي شرقي البلاد وسط مطالبات بمكافحتها- عاجل للعوائل فقط ومنع أجهزة الـ"دي جي".. تحديد ضوابط إيجار المزارع في قضاء بلد بجرائم سرقة وحيازة سلاح غير مرخص.. الاطاحة بأربعة متهمين في بغداد اليوم .. 4 مواجهات في دوري نجوم العراق دخول أول شحنة مساعدات إلى قطاع غزة عبر الرصيف العائم بعد تفاقم أزمة "سيارات الحمل" عند مداخل المحافظات.. وزير الداخلية يصدر توجيها مهما- عاجل طقس العراق.. أمطار خفيفة والحرارة تتخطى الـ40 مئوية بدءا من اليوم مرور النجف تغلق طريق المدينة القديمة اعتبارا من مساء اليوم "ارض خط الصد" في النجف.. البرلمان يستكمل التوصيات ويلقي الكرة في ملعب الحكومة عالميا.. أسعار الذهب تتجه لتحقيق مكاسب للأسبوع الثاني على التوالي الاولى منذ 3 أسابيع.. النفط يتجه لتحقيق المكاسب وسط مؤشرات لتحسن الطلب البرازيل تفوز باستضافة بطولة كأس العالم للسيدات 2027 واشنطن: سنبحث مع بغداد وأربيل وأنقرة استئناف صادرات نفط إقليم كردستان "ارض خط الصد" في النجف.. البرلمان يستكمل التوصيات ويلقي الكرة في ملعب الحكومة- عاجل مصرع ضابط برتبة عميد في قيادة شرطة الديوانية إثر حادث سير داعش يطل برأسه من جديد وهواجس أمنية في العراق من تهديد أكبر توجيهات بخصوص الصلاة المركزية الموحدة التي دعا اليها الصدر في المحافظات عمليات بغداد تنفي منع مركبات الحمل الدخول للعاصمة من الساعة السادسة الى الثامنة مساء عمليات بغداد تغلق ساحات لوقوف السيارات غير الرسمية بجانب الكرخ شاحنات ديالى تتضامن مع نظيراتها بباقي المحافظات وتقطع طريقا رئيسيا بالوثيقة.. لجنة حكومية لحصر الأضرار من الكوارث والأزمات في العراق تجنبا للامراض الوراثية.. صحة الانبار تطالب المشايخ بعدم التزويج دون "فحوصات طبية" بالصور.. السوداني يطلق مشروع مجاري ناحية الوحدة الستراتيجي