رویترز: السوداني يحاول تحقيق مكاسب سريعة في الخدمات لتهدئة الشباب

على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، كان خضر عباس (73 عاماً) المقيم في حي مدينة الصدر، مترامي الأطراف ببغداد، يضطر للمشي على قدميه في طريق غير ممهدة يملؤها الوحل والتراب للوصول إلى بيته الذي كان يجد فيه صعوبة في الحصول على المياه النظيفة أو الصرف الصحي.

لكن هذا تغير في الشهر الماضي، وفق ما أوضحت وكالة «رويترز» في تحقيق ببغداد، فقد وصلت آلات الحفر والجرافات وغير ذلك من المعدات الثقيلة، وشقت الأرض لوضع شبكات للصرف الصحي ومد أنابيب المياه النظيفة، ثم دفنت ذلك تحت طبقة من الأسفلت في شوارع وأرصفة أنيقة.

أضافت الوكالة أن هذا المشهد يتكرر في جميع أنحاء المدينة التي يزيد عدد سكانها على تسعة ملايين نسمة ضمن مساعي حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لتحسين الخدمات الأساسية للمواطنين الذين ضاقوا ذرعاً بسنوات من الصراع والإهمال الحكومي.

ويقول محللون إنه بفضل ارتفاع أسعار النفط والاستقرار النسبي ودعم الفصائل السياسية القوية، يركز السوداني على تحقيق مكاسب سريعة لاسترضاء شريحة كبيرة من الشباب الذين نظموا احتجاجات متكررة مناهضة لمؤيديه السياسيين. ويشمل المسعى تطوير الطرق والجسور والأرصفة وإزالة الحواجز الأمنية، التي تفاقم صعوبة حركة السير، وتجميل واجهات المباني التي شوهتها الحرب وإصلاح الحدائق والمتنزهات على ضفاف نهر دجلة الذي يشق المدينة.

وتحسنت إمدادات الكهرباء أيضاً، وتلاشت الانقطاعات اليومية تقريباً في شهر مايو (أيار)، الذي عادة ما يكون انقطاع الكهرباء فيه هو القاعدة، لكن يتوقع أن يتكرر هذا الانقطاع في الصيف مع ارتفاع الاستهلاك.

وفي أكثر من عشرين مقابلة مع «رويترز»، قال عراقيون إنهم يشعرون بتفاؤل محفوف بالحذر بشأن المستقبل بسبب التحسن في البنية التحتية والاستقرار في الآونة الأخيرة الذي فتح البلاد أمام عدد كبير من السياح معظمهم من الدول العربية. وقال كثيرون إن هذه التغيرات هي أهم ما شهدوه منذ الغزو الأميركي عام 2003، لكنها ما زالت غير كافية في دولة حققت أكثر من 115 مليار دولار من مبيعات النفط في عام 2022، وتعاني من فساد متفشٍ يرهق الخدمات.

وقال سجاد جياد، الزميل في «ذا سينشري فاونديشن» الذي يتخذ من بغداد مقراً إن السوداني يريد أن يتجنب فكرة الاحتجاج، وهذا سبب عزمه على إنجاز الأشياء التي يمكن أن يشعر بها الناس فوراً، وليس انتظار الأشياء التي ستفيدهم بعد 10 سنوات. وأضاف أنه يريد أن يُنظر إليه على أنه الرجل الذي يستطيع الإنجاز في كل العراق.

ومن المشروعات الرئيسية خلال فترة حكم السوداني إنشاء كورنيش بطول 2.5 كيلومتر (1.5 ميل) على طول الضفة الشرقية لدجلة، على امتداد حديقة أبو نواس، وهي واحدة من أكبر المساحات الخضراء في بغداد. وجرى تزويد الكورنيش بمسارات مخصصة للركض وركوب الدراجات ومقاعد وحمامات عامة، واستقبل حشوداً من الزوار منذ افتتاحه جزئياً في وقت سابق من هذا العام، وفق الوكالة.

وقالت امرأة في منتصف الثلاثينات، اكتفت بأن تذكر أن اسمها أم أحمد، إن التمكن من اصطحاب ابنها إلى متنزه في العراق هو أمر «جديد ومثير». وأضافت أنها كانت تعتقد أن مثل هذه الأمور يمكن القيام بها في فرنسا وليس في العراق بحال من الأحوال.

ولا تزال السلبيات موجودة؛ فالنهر نفسه يعج بالقمامة وبمياه الصرف الصحي التي تلقى فيه دون معالجة.

وقال عمار موسى كاظم، أمين بغداد، (رئيس بلدية بغداد) إن الأعمال الحالية ما هي إلا بداية، بتمويل يبلغ نحو 530 مليار دينار (400 مليون دولار)، جرى تخصيصها للمدينة من خلال قانون «الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية» لعام 2022 وليس من خلال الميزانية التي قال إنه سيجري إقرارها قريباً. وأضاف للوكالة في مقابلة أن المسعى لتطوير العاصمة بغداد هو أوسع مشروع من نوعه.

كما طلبت بغداد المساعدة من الخارج. وزارت آن هيدالغو، رئيسة بلدية باريس، العراق الأسبوع الماضي لتوقيع ما وصفته بأنه «اتفاقية صداقة» مع المدينة. وقالت في بيان إن رئيسي بلديتي العاصمتين «يعملان لمواجهة تحديات مثل إدارة المياه وتنظيم الخدمات الأساسية للسكان».

وأشارت «رويترز» إلى قصة الفنان العراقي الكندي إياد الموسوي الذي هرب من بغداد وهو طفل وقت الحرب مع إيران في الثمانينات، ولم يعد حتى عام 2019. ولفتت إلى أنه أقام معرضاً في وقت سابق من الشهر الحالي بمركز معارض أنيق اسمه «ذا غاليري» في حي الكرادة مسقط رأسه. وقال الموسوي: «أرى بغداد تعود»، مشيراً إلى أنه حضر افتتاح ثمانية معارض في أسبوعين فقط.

لكن الكثير من العراقيين ما زالوا يخشون من أن تمحو الانقسامات السياسية الحادة ذلك التحسن النسبي، أو من ألا تصل المكاسب الاقتصادية الناتجة عنه إليهم في بلد تبلغ نسبة البطالة الرسمية فيه 16 في المائة.

كما لا يستطيع الكثير من السكان المحليين تحمل تكلفة الطفرة العقارية في المدينة، التي تلتهم المنازل التراثية والمساحات الخضراء، ويقول مسؤولون إن تمويلها يأتي جزئياً من غسل الأموال.

وقال غزوان فالح صاحب مرآب سيارات في مدينة الصدر، وهو يشير إلى صف من أصدقائه العاطلين عن العمل الذين يمضون الوقت في التدخين أمام مرآبه: «هناك أموال واستقرار في البلاد بالتأكيد. لكن ما فائدة الاستقرار حين لا يجد الناس وظائف أو لا يستطيعون تحمل نفقات الطعام؟».

المصدر سياسية – وكالة تقدم الاخبارية

اترك تعليقا
آخر الأخبار
راصد يكشف تفاصيل "الانفجار الشمسي".. هل يؤثر على العراق اتحاد الطلبة يستبق الامتحانات بـ4 مطالب تتعلق بـ"ممارسات بوليسية وفضائح" شرطة النفط تضبط خزانات بسعة 130 الف لتر معبأة بوقود "تجهل نوعيته" في بغداد لماذا يتركز اتهام الابراج بالتسبب بالسرطان في ديالى تحديدا الاتصالات تكشف ملابسات قطع الانترنت خلال الامتحانات لماذا يتركز اتهام الابراج بالتسبب بالسرطان في ديالى تحديدا-عاجل النزاهة: الحبس 3 سنوات لمدير مكتب محافظ بغداد السابق غدا.. العراق يتخذ خطوة ستمنحه غازا يعادل 200% من الغاز الايراني المستورد خطيب جمعة الكوفة : الشهيد الصدر لم يعلمنا كيف نحيا فقط بل كيف نموت الاعمار والتطوير أولوية .. لجنة برلمانية تتابع وترصد الأداء الحكومي الزراعة توضح سبب ارتفاع أسعار الأسماك في الأسواق طقس العراق.. غبار وارتفاع درجات الحرارة السليمانية.. ممثلية الطلبة النازحين تؤكد استعدادها للإمتحانات النهائية تجدد أنباء عودة ميسي إلى برشلونة السعداوي: عازمون على تفعيل خطوط النقل العام في عموم العراق حادثة غريبة .. دب يخلع "كتف" مواطن بمنطقة جبلية نائية في اقليم كردستان إجراء جديد من "أوبك+" بشأن توقعات الطلب العالمي القبض على "إرهابيين" وتدمير مضافات وكهوف في ثلاث محافظات بالوثائق.. السوداني يطلب من الأمم المتحدة انهاء بعثتها في العراق الاطاحة بتاجري مخدرات بحوزتهما 6 كغم من "الكريستال" في بغداد العراق عاشر أسوأ نمو اقتصادي خلال السنوات الـ5 الأخيرة الأمن الوطني يطيح بتاجري مخدرات بحوزتهما نحو 6كغم من مادة الكريستال في بغداد تذبذب بدرجات الحرارة وامطار وتصاعد للغبار خلال الأيام المقبلة.. إيضاح مفصل بالطقس السليمانية .. انتشار دوريات ومفارز أمنية في شوارع واحياء المدينة بعد اقرار استراتيجية الأمن الوطني.. حراك برلماني لإستضافة شخصيات "مسؤولة" - عاجل